Uncategorized

الهجوم على بورتسودان.. «تطور كارثي»  يهدد آلاف النازحين

 بورتسودان: هيثم عثمان

أدت الهجمات الأخيرة على بورتسودان، إلى خلق وضع إنساني معقد لآلاف النازحين بسبب الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وطيلة الأيام الماضية قادت الدعم السريع، هجمات عبر طائرات دون طيار على المدينة التي تتخذها الحكومة السودانية مقرا مؤقتا بعد اندلاع الاشتباكات في العاصمة الخرطوم.

ونظرا لتبدل خطوط المواجهة، كانت هناك موجات متتالية من النزوح، مما جعل مهمة الوصول إلى المحتاجين معقدة بشكل متزايد.

ووصفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الوضع في السودان بأنه “أكبر وأسرع أزمة نزوح نموا على مستوى العالم”.

ومع ذلك، أشارت شبكة أطباء السودان في بيان الخميس الماضي، إلى إصابة 17 شخصا بينهم 9 حالات بالاختناق جراء استهداف الدعم السريع لمستودعات الوقود بمدينة بورتسودان شرقي البلاد.

وقالت الشبكة في بيانها إن حالات الاختناق جرى تحويلها إلى مستشفيات المدينة، بينما دانت استهداف المرافق المدنية والبنية التحتية، وتهديد حياة أكثر من مليون مدني جراء القصف الصاروخي المسير واعتبرتها زيادة لرقعة الحرب وتمدد للانتهاكات ضد المدنيين.

كما حذرت الشبكة من التبعات الصحية التي تصيب المواطنين القاطنين بالقرب من مواقع الحرائق المستمرة بالمخزون الاستراتيجي للوقود، وأطلقت تحذير أخر للمواطنين من استنشاق الأبخرة والغازات الناتجة من الحرائق، في وقت دعت فيه السلطات الصحية لرفع حالة الطوارئ لمستشفيات المدينة.

وتوازي تلك الهجمات، محاولات أخرى في مدن كسلا ومروي والنهود، حيث يعمد الطرفين إلى استخدام الطيران الحربي والمسيرات في قصف أهداف مختلفة.

 وتضع تلك الهجمات بعد التحولات الكبيرة في الحرب، والانتقال من المواجهة البرية الميدانية إلى الهجمات من السماء بين ضربات الطيران الحربي، وهجوم المسيرات، آلاف النازحين في موقف واوضاع كارثية.

وتشير تقارير أممية إلى نزوح أكثر من 13 مليون سوداني ما يعد الرقم الأضخم في التاريخ الحديث.

ومع ستمرار فشل محاولات وقف الحرب، وإصرار الطرفين على المضي في محاولات الحسم العسكري، يؤكد مهتمين بالشأن الإنساني إن الأوضاع الإنسانية الكارثية في السودان وصلت إلى مرحلة معقدة.
وتقول سيدة أحمد- نزحت مع أسرتها إلى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، حديثا من مدينة بورتسودان، إن استمرار الحرب والهجمات المستمرة جعلت الوضع أشبه “بالجحيم”.

وتعتقد سيدة، في حديثها لـ«الوجهة 24» إن الهجمات الأخيرة عبر الطائرات المسيّرة تصعيد خطير في مسار الحرب نحو الولايات الآمنة.

وجزمت بأن الوضع المرعب الذي عاشته الأسرة خلال الأيام فاق بداية الحرب نفسها، مؤكدة إن قرار الأسرة المغادرة جنوبا من بورتسودان بعد الهجمات وانقطاع الكهرباء والمياه.

امتداد الحرب

امتدت الحرب لمناطق كانت بمثابة نقاط آمنة لملايين النازحين، حيث فروا من القتال إلى ولايات شرق السودان بما في ذلك العاصمة الإدارية بورتسودان.

وتصف الأمين العام لمنظمة “كل المهن التعاونية” لين عز الدين في حديث لـ«الوجهة 24» الوضع بالكارثي.

وتعمل المنظمة التي ترعى النازحات صاحبات المهن المختلفة بما في ذلك بائعات الشاي والطعام اللائي فقدن عملهن في الخرطوم ومناطق أخرى

وتؤكد لين في الوقت نفسه، تأثر مئات الأسر في مركز أيوا ببورتسودان خاصة المصابين بالربو، جراء التلوث الكبير بعد قصف مخازن الوقود في المدينة.

وأكدت في ذات الاثناء، محاولة العديد من الأسر المغادرة خوفا من القصف لكن الامكانيات المالية لا تتيح لهم ذلك.

ولفتت إلى إصابة الأطفال والنساء بالرعب بسبب ضربات المسيرات والمضادات الأرضية، خاصة قرب المخيمات الموجودة في حي الثورة قرب قاعدة فلامنجو، إضافة إلى للقاعدة الجوية في منطقة ترانزيت.
واشارت مع ذلك، إلى مغادرة عشرات الأسر للمدينة، مؤكدة استغلال أصحاب السيارات السفرية لظروف تلك الأسر ورفع أسعار التذاكر.

 قلق أممي

وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قلقه إزاء التقارير الأخيرة عن هجمات بطائرات مسيرة على بنية تحتية عسكرية ومدنية بالقرب من مطار بورتسودان في السودان والتي أفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع نفذتها.

وقال نائب المتحدث باسمه فرحان حق – في تصريحات صحفية الأسبوع الفائت- إن هذه الهجمات يبدو أنها الأحدث في سلسلة من العمليات العسكرية الانتقامية التي نفذتها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية مستهدفة مناطق سيطرة الطرف الآخر.

وقال الأمين العام إن الهجوم على بورتسودان يمثل تطورا مقلقا يهدد حماية المدنيين والعمليات الإنسانية في منطقة سلمت حتى الآن من تجربة الصراع المدمر الذي شهدته أجزاء أخرى كثيرة من البلاد.

وجدد الأمين العام دعوته إلى حوار عاجل بين الأطراف المتحاربة نحو وقف فوري للأعمال العدائية وعملية سياسية شاملة لمنع مزيد من التصعيد وحماية المدنيين وإعادة السودان إلى مسار السلام والاستقرار.

 وعلى الصعيد الإنساني والعمليات المرتبطة به، أكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية رصد الوضع المتطور في أعقاب الضربات الأخيرة بطائرات مسيرة في بورتسودان، التي أصبحت المركز الإنساني للأمم المتحدة لتنسيق عمليات الإغاثة في جميع أنحاء البلاد.

وقال فرحان، إن هذه الهجمات لم يكن لها تأثير مباشر على العمليات أو الأنشطة الإنسانية في بورتسودان، وأضاف “لم تتأثر أي من مكاتبنا أو مبانينا أو مستودعاتنا، ونواصل تنفيذ عملياتنا المعتادة”.
كما ذكر أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية سيواصل تقييم الوضع، بما في ذلك التأثير على القدرة على إدخال الإمدادات والموظفين وإخراجهم من السودان.

وأفاد حق بتعليق رحلات الخدمة الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة من وإلى بورتسودان مؤقتا.

وأشار إلى أن هذه الضربات الأخيرة تأتي في أعقاب سلسلة من الهجمات بطائرات مسيرة على المطارات والبنية التحتية المدنية الأخرى، بما فيها محطات توليد الكهرباء التي تسببت في اضطرابات كبيرة في إمدادات الكهرباء وكذلك الوصول إلى مياه الشرب الآمنة للمدنيين، بمن فيهم النازحون والعائدون.

ودعا فرحان، جميع أطراف هذا الصراع إلى ضمان عدم استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية مرة أخرى، مؤكدا أن الحروب لها قواعد ويجب احترام القانون الدولي الإنساني.

ومن جهتها، أعربت كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، عن صدمتها وقلقها العميق إزاء تكثيف الهجمات بالطائرات المسيرة على البنية التحتية المدنية في مدينة بورتسودان التي تعد المركز الإنساني الرئيسي في البلاد.

وقالت سلامي في بيان صحفي، إن مثل هذه الهجمات لن تؤدي سوى إلى تعميق المعاناة والاحتياجات الإنسانية، “وتفاقم التحديات اللوجستية والصعوبات التي تواجهها الجهات الفاعلة الإنسانية في إيصال المساعدات العاجلة إلى بقية أنحاء البلاد”.

وأضافت أن مطار بورتسودان الدولي يعد “شريان حياة” للعمليات الإنسانية، حيث يستخدم كنقطة دخول رئيسية للعاملين في المجال الإنساني والإمدادات الطبية وغيرها من مواد الإغاثة المنقذة للحياة إلى السودان.

وشددت منسقة الشؤون الإنسانية على أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية قد تُعطل سلاسل التوريد وترفع أسعار السلع الأساسية، “مما يُفاقم المعاناة الإنسانية في ما يعتبر بالفعل أكبر أزمة إنسانية في العالم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى