أخبار

حرب جديدة تُهدد السكان .. الكوليرا تضرب الخرطوم مع تدهور الوضع الإنساني

أم درمان: هيثم عثمان

لم تتخيل السيدة زينب فخر الدين أنها في يوم من الأيام ستترك منزلها وتمشي عشرات الكيلومترات لإنقاذ حياتها.
بعد انسحابات قوات الدعم السريع من الخرطوم مارس الماضي، عززت تلك القوات وجودها جنوبي أم درمان.
وفي إحدى ليالي شهر مارس، تقول السيدة زينب إنها استيقظت على طرق عنيف على بابها. كانت جارتها في حالة يرثى لها عندما فتحت الباب.
وتقول إنها شعرت بالرعب عندما أخبرتها جارتها بأن قوات الدعم السريع، على عكس تلك التي كانت موجودة منذ اندلاع الحرب، قد وصلت إلى الحي.
وأضافت أنها بينما كانت تطل من الباب إلى الشارع، رأت عددًا من الجنود بالقرب من بعض المركبات يُنزلون مدفعًا. مشيرة إلى أنه بعد لحظات، وصل جنود آخرون إلى منزلها المكون من ثلاثة طوابق وطلبوا منها إخلاءه قبل شروق الشمس.

غادرت زينب منزلها لاحقًا مع أطفالها وجارتها إلى مدينة دنقلا، حيث طُردت من منزلها الذي كان يستخدمه قناصة قوات الدعم السريع قاعدةً لهم.

وأعلن الجيش السوداني، الثلاثاء الفائت، خلو ولاية الخرطوم، بما فيها جنوب أم درمان، من قوات الدعم السريع.
وعلى صعيد الوضع الصحي، يعاني سكان منطقة الصالحة، جنوب أم درمان، وجبل أولياء، جنوب الخرطوم، من أوضاع كارثية جراء تفشي وباء الكوليرا.

وبجانب تلك الأوضاع الصحية واجه السكان في المنطقتين، حصارا مشدداً من جانب الجيش والدعم السريع.
وكشف عضو في لجان المقاومة بأم درمان أحمد صالح، لـ”الوجهة24″ عن وقوع وفيات -لم يحصرها- في منطقة الصالحة، لانعدام الادوية وتوقف المراكز الصحية عن العمل.

وخاض الجيش السوداني، منذ شهر معارك ضاربة مع قوات الدعم السريع، في سبيل استعادة المنطقة وأحياء الشقلة وغيرها.

ومع ذلك، جرت مواجهات بالأسلحة الثقيلة بين الطرفين، فيما تبادلا القصف المدفعي، مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى، قبل أن يعلن الجيش سيطرته على جميع مناطق جنوب أم درمان الأسبوع الماضي.

وتحيط بمنطقة الصالحة أوضاع إنسانية غاية في الصعوبة بعد غلق الاسواق، بعد قيام عناصر الدعم السريع بنهب المحلات التجارية حسب عضو لجان المقاومة في أم درمان.

واشارت تقارير من بينها بيان للجان مقاومة الصالحة، إلى تنفيذ عناصر من الدعم السريع لمجزرة في الصالحة نهاية أبريل الفائت، بحق 31 من المدنيين من أهالي المنطقة تحت دعاوي التعاون مع الجيش السوداني وإرسال احداثيات له.

ويؤكد عضو لجان المقاومة، تعرض سكان المنطقة المتبقين لانتهاكات بشعة، وتعذيب واختطاف وطلب فدية.

ومع افتقار المنطقة لمياه صالحة للشرب، حذرت لجان مقاومة صالحة من انتشار متسارع لوباء الكوليرا في ظل انعدام كامل للأدوية، وإغلاق جميع الصيدليات خوفًا من النهب والاعتداءات.

وفي المنطقة المتاخمة من جهة الخرطوم لمنطقة الصالحة، “جبل أولياء”

يستمر تفشي وباء الكوليرا وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات وتدهور الوضع الصحي.

وأُبلِغ المواطنون عبر مكبرات الصوت  بإغلاق العيادات بسبب عدم توفر العلاج، ما يعكس حجم الكارثة الصحية التي تواجهها المنطقة.

كما أبلغ عن وفيات جديدة وحالات إصابة لم يتم حصرها بسبب الأوضاع المتردية في المنطقة.

ويشير احد سكان جبل أولياء في حديث لـ”الوجهة24″ إلى تدهور الأوضاع الصحية في المنطقة.

 وترتفع مطالب مستمرة للسكان والمهتمين بالشأن الصحي بضرورة إعلان حالة الطوارئ الصحية فوراً.

وأكد حزب الأمة القومي في بيان، انتشار حالات الكوليرا في مناطق جبل أولياء، وجنوب أم درمان، وولاية النيل الأبيض، وجنوب الجزيرة، بجانب تزايد حالات الإصابة بحمى الضنك والملاريا، مما أدى إلى وفيات وسط كبار السن والأطفال والنساء.

وأضاف البيان أن مستشفيات أم درمان تعاني من أوضاع إنسانية حرجة، حيث يُحتجز المصابون في بيئة تفتقر لأبسط مقومات الرعاية الصحية في ظل نقص الكوادر الطبية وانعدام التخصصات الحيوية.

ويتفشى وباء الحوليرا، بشكل واسع في ولاية الخرطوم بسبب تطاول انقطاع التيار الكهربائي، ما أدى إلى انعدام المياه الصالحة للشرب ولجوء الأهالي لتناول مياه ملوثة، وسط تدني الخدمات الطبية في الخرطوم.
وتعاني مناطق واسعة من ولاية الخرطوم من أزمة في إمدادات المياه، مما يضطر سكان الخرطوم إلى استخدام مياه من مصادر غير آمنة، مثل الآبار السطحية أو المياه المسحوبة من النيل مباشرة، مما يساعد في تفشي الأمراض، بالأخص الكوليرا.

وقالت شبكة أطباء السودان في بيان الخميس الماضي، إن حالات الإصابة بالكوليرا ارتفعت إلى أرقام كبيرة.

وأفاد البيان بعزل 183 حالة في مستشفى النو، بينما تزايد تسجيل الحالات في كل من مستشفيات بشائر، التركي – جنوب الخرطوم – وألبان جديد.
وحذرت الشبكة من خطورة انتشار عدوى الكوليرا في الخرطوم بسبب زيادة الحالات المسجلة خلال الفترة من 15 إلى 22 مايو الجاري، مما يستدعي التدخل العاجل من السلطات الصحية ونشر التوعية بمخاطر المرض، بجانب التحذير من استخدام المياه غير المكلورة.

وطالب البيان المنظمات الأممية والإقليمية العاملة في مجال الصحة بتوفير المعينات الطبية والمواد المكلورة للمواطنين في الخرطوم للحد من انتشار العدوى بالمرض.

وفي تطور لاحق افادت تنسيقية لجان كرري في منشور على فيسبوك، الخميس المنصرم بأن مركز عزل الكوليرا بمستشفى النو استقبل أكثر من 200 حالة.
واشارت الى اعلان حالة الطوارئ الصحية وأغلاق كافة المحلات شمال المستشفى ونقل موقف المركبات كما تحدثت عن الحاجة للكوادر الطبية.
وطالبت الجهات الرسمية والمواطنين بالتعامل بجدية مع حجم الكارثة الصحية بالبلاد.
من جانبها، وضعت وزارة الصحة بولاية الخرطوم خطة للتدخل السريع لمكافحة الكوليرا، إضافة إلى دور الصحة الاتحادية والمنظمات في دعم جهود الاستجابة العاجلة.
وشددت وزارة الصحة بولاية الخرطوم خلال اجتماع الوضع الصحي بالولاية اليوم على ضرورة تكثيف حملات التوعية والتحضير لحملة التطعيم ضد الوباء لضمان الحد من انتشاره والسيطرة عليه.
في السياق، طالب حزب الأمة القومي وزارة الصحة الاتحادية بإعلان حالة الطوارئ الصحية فوراً، ودعا إلى التدخل العاجل من المنظمات الإنسانية والطبية الإقليمية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى