التسريبات السياسية وأثرها المُقلق على أداء وزارة الخارجية

عمار العركي يكتب…
في ظل مناخ سياسي يتسم بالتجاذب والتشاكس حول المواقع والمناصب، برزت ظاهرة التسريبات غير الرسمية التي تطال ترشيحات وتعيينات وزارية، خاصة في وزارة الخارجية، وهي من أكثر الوزارات حساسية في مثل هذا التوقيت الوطني الحرج.
* منذ أشهر، تكررت موجات من الأخبار المتداولة حول أسماء مرشحة لتولي حقيبة الخارجية، بعضها نُشر في وسائل إعلام دولية أو منصات صحفية سودانية، كالتقرير الذي بثّته الجزيرة مباشر، وأخرى راجت على لسان صحفيين ونشطاء عبر منصات التواصل، دون سند مؤسسي واضح. وقد شملت هذه التسريبات شخصيات ذات طابع جدلي أو محسوبة على تيارات بعينها، مثل السفير نور الدين ساتي أو السفيرة نادية محمد خير، الأمر الذي عزز مناخ الشك والريبة داخل أروقة الوزارة وخارجها.
* المشكلة ليست فقط في صحة أو عدم صحة هذه التسريبات، بل في أثرها المباشر على تماسك الوزارة واستقرار أدائها. فوزارة الخارجية – التي لم تستعد بعد عافيتها المؤسسية منذ اندلاع الحرب – تحتاج إلى بيئة هادئة ومنضبطة إداريًا ودبلوماسيًا، لا إلى المزيد من التوتير والإرباك، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات متصاعدة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
* ويزداد الأمر خطورة حين يُخضع هذا المرفق الحيوي للموازنات السياسية أو الاعتبارات المرحلية عند اتخاذ قرارات التعيين، على حساب المعيار المهني. فوزارة الخارجية – بطبيعتها ودورها – لا تحتمل سوى معيار واحد: الكفاءة الدبلوماسية الأكاديمية، ممزوجة بالخبرة الميدانية، والاعتراك المستمر في الساحات الدولية. أي تعيين خارج هذا الإطار ليس فقط مغامرة غير محسوبة، بل تهديد مباشر للمصالح العليا للبلاد في محيط مضطرب.
إن تكرار هذا النمط من التسريبات، وسط غياب رسائل رسمية حاسمة أو تأكيدات شفافة، يضعف صورة الدولة، ويخلق حالة من الارتباك داخل المؤسسة الدبلوماسية نفسها، كما ينعكس على ثقة الشركاء الدوليين بالسودان في هذه المرحلة الحرجة.
خلاصــة القـــول ومنتهــاه* :
* بالضرورة ، تحصين وزارة الخارجية من التسييس والتقلبات المرحلية، وتثبيتها على قاعدة من المهنية الصارمة والكفاءة المتخصصة، لم يعد ترفًا إداريًا أو خيارًا مؤجلاً، بل هو شرط لازم لحماية ما تبقى من ثوابت السياسة الخارجية السودانية وضمان استمرار الصوت السوداني في الساحات الإقليمية والدولية باحترام وجدارة.