أخبار

العلاقة متوترة بين سلطة الطيران المدني وشركة المطارات في السودان

كتب: إبراهيم عدلان

(عنوان الورقة: ثقافة المؤسسة كمفتاح لإصلاح العلاقة بين سلطة الطيران المدني والشركة السودانية للمطارات بعد الحرب)

في سياق جهود إعادة بناء قطاع الطيران المدني السوداني بعد الحرب، لا تقتصر التحديات على البنى التحتية، أو القدرات الفنية، أو المنظومات الرقمية، بل تتجاوزها إلى ما هو أكثر تعقيدًا وأعمق تأثيرًا: ثقافة المؤسسة.

وفي قلب هذا التحدي، تقف العلاقة المتوترة بين سلطة الطيران المدني والشركة السودانية للمطارات كنموذج حي للاختلال الثقافي بين مؤسستين يُفترض أن تربطهما الشراكة المهنية لا التنافس التنظيمي.

فما حدث خلال السنوات الماضية – وما تفاقم بفعل الحرب – لم يكن خلافًا في المهام أو الصلاحيات فقط، بل كان في جوهره خللًا في ثقافة الانتماء، ومفاهيم الولاء، وأسس التنسيق، وأدبيات الرقابة.

ومن هنا، تطرح هذه الورقة ثقافة المؤسسة باعتبارها مفتاحًا لإعادة إنتاج بيئة صحية بين الطرفين، وبناء شراكة قائمة على الاحترام، الانسجام، والمهنية.

أولًا: جذر الإشكال – انقسام ثقافي لا إداري فقط

منذ أن تحوّلت سلطة الطيران المدني إلى جهة رقابية، وأصبحت الشركة السودانية للمطارات كيانًا تشغيليًا مستقلًا، برز نوع جديد من التوتر المؤسسي، يمكن تلخيص أسبابه في ما يلي:

1.الانتماء المزدوج:

•معظم منسوبي الشركة هم في الأصل كوادر سابقة للسلطة، ما خلق حالة من الانفصام بين الانتماء العاطفي والمؤسسي.

•في المقابل، ظلت السلطة تنظر لهؤلاء كمتحوّلين وظيفيًا، دون إعادة تأطير ثقافي للعلاقة.

2.التمييز الراتبي:

•الفوارق الكبيرة في الرواتب والحوافز ولّدت مشاعر غبن واحتقان، وعمّقت الإحساس بعدم العدالة بين العاملين في الجهتين.

3.التنافس بدل التكامل:

•في غياب رؤية مؤسسية موحدة، تحوّلت العلاقة من شراكة نحو تبادل الاتهام أو الحذر المهني، مما سمّم التنسيق حتى في المسائل الفنية الدقيقة.

4.التضارب بين الرقابة والسرّية:

•السلطة تمارس الرقابة، والشركة ترفع شعار “السرّية المؤسسية”، والنتيجة: معلومات محجوبة، صلاحيات مقيدة، وثقة مهزوزة.

5.ثقافة الحمية والتحيّز:

•تغلّبت الانتماءات الضيقة – سواء كانت مناطقية، وظيفية، أو شخصية – على مبدأ الانتماء الوطني والمهني، مما شوّه صورة المؤسسة في أعين منتسبيها.

ثانيًا: أثر الحرب – تفاقم التشظي الثقافي

لم تكن الحرب مجرد أزمة سياسية أو أمنية، بل كانت اختبارًا قاسيًا لبنية الدولة ومؤسساتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى