البنك الدولي: اقتصاد السودان يواصل الانكماش والفقر

متابعات : الوجهة 24
توقّع البنك الدولي أن يواصل الاقتصاد السوداني انحداره، متقلصًا بنسبة إضافية تُقدّر بـ13.5% خلال عام 2024، بعد أن شهد انكماشًا حادًا بلغ نحو الثلث في عام 2023. كما رجّح أن ترتفع نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع إلى 71% في ظل استمرار الحرب الدائرة في البلاد
جاء ذلك في تقرير صادر عن البنك اليوم تحت عنوان: “العواقب الاقتصادية والاجتماعية للنزاع: رسم طريق للتعافي”. وقد سلّط التقرير الضوء على الانهيار الاقتصادي العميق والأزمة الإنسانية المتفاقمة منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، حيث قدّر أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد تقلّص بنسبة 29.4% العام الماضي
وأشار التقرير إلى أن النزاع أدّى إلى أكبر موجة نزوح داخلي على مستوى العالم، إذ اضطر نحو 12.9 مليون شخص إلى ترك منازلهم. كما حذّر من أن البلاد تواجه خطر المجاعة على نطاق واسع، وهو ما تأكد وقوعه بالفعل في أحد المخيمات خلال أغسطس 2024
ووفقًا للتقديرات، تضاعف معدل الفقر المدقع—المعرّف بالعيش على أقل من 2.15 دولار يوميًا—ليصل إلى أكثر من ضعف مستواه في عام 2022، حيث كان عند 33%. كما قفزت معدلات البطالة من 32% إلى 47%
وذكر البنك أن الأزمة الاقتصادية تعمّقت بفعل التضخم المتسارع، الذي ارتفع إلى 170% في عام 2024، إضافة إلى الانهيار الحاد في قيمة الجنيه السوداني. وفي الوقت نفسه، تراجعت الإيرادات الحكومية إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ10% في 2022، مما أضعف بشدة قدرة الدولة على تسيير شؤونها الأساسية
الزراعة: ركيزة محتملة للتعافي
وحدّد البنك الدولي القطاع الزراعي كمحور رئيسي للتعافي، نظرًا لمساهمته بحوالي 35% من الناتج المحلي الإجمالي واستيعابه لأكثر من 40% من القوى العاملة. إلا أن القطاع نفسه تعرض لضربات قاسية، بعد أن امتدت العمليات القتالية إلى مناطق الإنتاج الزراعي الحيوية مثل ولاية الجزيرة. وقد أدّى ذلك إلى تراجع إنتاج الحبوب بنسبة 46% في عام 2023 مقارنة بالعام السابق
التعافي يتطلب إصلاحات شاملة وسلام دائم:
ورجّح التقرير أن يستغرق السودان سنوات طويلة قبل أن يستعيد مستويات النشاط الاقتصادي التي كانت سائدة قبل الحرب، مرجحًا ألا يتحقق ذلك قبل عام 2031 على أقل تقدير. وشدد على أن التعافي الاقتصادي المستدام مرهون بوقف النزاع وتطبيق إصلاحات هيكلية عميقة
ودعا البنك الدولي السلطات السودانية إلى إعادة الانخراط في مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC) بمجرد التوصّل إلى اتفاق سلام، بما يمكّن البلاد من الحصول على إعفاء ضروري من ديونها الخارجية. كما أوصى بعدم العودة إلى سياسة الدعم الواسع للسلع الأساسية مثل الكهرباء، مع ضرورة الحفاظ على سعر صرف موحّد لتحقيق الاستقرار النقدي
كما شدد التقرير على ضرورة إعادة هيكلة الإنفاق العام عبر تحويل الموارد بعيدًا عن المؤسسات العسكرية وتوجيهها نحو القطاعات الاجتماعية والإنتاجية. واعتبر أن من الأولويات العاجلة الاستثمار في الزراعة لتعزيز قدرة المجتمعات الريفية، وإعادة بناء قطاعي التعليم والصحة لاستعادة رأس المال البشري في البلاد