اقتصادية

اقتصاديون: العقوبات الأميركية الجديدة تفاقم معاناة السودان وتعرقل جهود الإعمار

 

متابعات : الوجهة 24

أبدى خبراء اقتصاديون سودانيون تخوفهم من تداعيات العقوبات الاقتصادية الأميركية الجديدة على السودان، الذي يعاني بالفعل من أزمات مالية واقتصادية متفاقمة بفعل الحرب المستمرة. وأكدوا في تصريحات لـ”العربي الجديد” أن هذه العقوبات ستزيد من تفاقم الأوضاع في العديد من القطاعات الإنتاجية، كما ستُعيق جهود إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب. ومع ذلك، أشار بعضهم إلى أن الأثر الفوري للعقوبات قد يكون محدوداً.

 

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت يوم الخميس الماضي عزمها فرض عقوبات على السودان بعد اتهامه باستخدام أسلحة كيميائية في عام 2024. وأوضحت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، في بيان رسمي، أن العقوبات ستشمل قيوداً على الصادرات الأميركية إلى السودان، إلى جانب حظر على حصوله على خطوط الائتمان الحكومية الأميركية. وأشارت إلى أن العقوبات ستُطبق فور صدور إشعار بذلك في السجل الفيدرالي.

 

وفي تعليقه على القرار، قال الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان إن العقوبات الأميركية الجديدة، التي أُعلنت بناءً على اتهام الحكومة السودانية باستخدام أسلحة كيميائية، تستهدف مجالات محددة. وأوضح أن الولايات المتحدة لا تستورد من السودان سوى الصمغ العربي، ويتم ذلك بشكل غير مباشر، إذ تهيمن شركات فرنسية على هذه التجارة ولها علاقات قوية بالسوق الأميركي. وبالتالي، فإن هذا المنتج لن يخضع للعقوبات بفضل الاستثناءات التي تمنحه الحكومة الأميركية للصمغ العربي.

 

وفيما يتعلق بتقييد وصول الحكومة السودانية إلى خطوط الائتمان الأميركية، أشار عثمان إلى أن هذا الأمر ليس بجديد، نظراً لأن العلاقات المصرفية بين الجانبين تشهد قيوداً كبيرة بالفعل بسبب الوضع الأمني المتدهور في البلاد، والذي أدى إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 25% خلال السنة الأولى من الحرب، فضلاً عن التراجع الحاد في الصادرات والواردات. لكنه حذر من أن العقوبات سيكون لها أثر بالغ السوء على جهود إعادة الإعمار بمجرد توقف القتال.

 

ومن جانبه، يرى المحلل الاقتصادي هيثم فتحي أن العقوبات الأميركية لم تعد وسيلة فعالة للضغط السياسي، بل تحولت إلى عبء إنساني وأخلاقي يُثقل كاهل المواطنين السودانيين، ويقوض الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وأضاف أن العقوبات السابقة ألحقت ضرراً بالغاً بالاقتصاد، إذ تسببت في شلل بعض القطاعات الحيوية بسبب نقص قطع الغيار، وأدت إلى توقف المساعدات الغربية وتعطيل حركة التجارة الخارجية والتحويلات المصرفية، وهي آثار ما تزال حاضرة رغم رفع العقوبات لاحقاً.

 

ويشير عدد من الاقتصاديين إلى أن العقوبات التي فُرضت على السودان منذ عام 1997، ثم رُفعت في مارس/آذار 2020، ما تزال آثارها قائمة، لا سيما في ظل استمرار عزوف المصارف العالمية عن التعامل مع البنوك السودانية. ويعود ذلك جزئياً إلى عدم استيفاء السودان لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

 

وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد الناير، أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، إن رفع العقوبات لم يُقنع المؤسسات المالية الدولية بإعادة علاقاتها مع السودان. وأوضح أن فترة الحظر الطويلة دفعت البلاد إلى الاعتماد على التكنولوجيا والمعدات الأوروبية والآسيوية لتقليل الأضرار، لافتاً إلى أن القرار الأميركي الأخير يحمل دوافع سياسية أكثر من كونه اقتصادياً. وأضاف أن بعض الدول باتت تعتمد على أنظمة مالية بديلة لا تمر عبر الولايات المتحدة، خاصة بعد العقوبات المفروضة على روسيا، مما قلل من تأثير نظام “سويفت” الأميركي على السودان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى