بيـان وزيـري خارجيـة السُودان وجنـــوب السُــودان.. أيــن الإعــلام؟

خبر وتحليل عمار العركي
_بيـان وزيـري خارجيـة السُودان وجنـــوب السُــودان.. أيــن الإعــلام؟_
▪️في مستهل اللقاء التنويري الذي أعقب زيارة وزير خارجية جمهورية جنوب السودان إلى بورتسودان، لفت وزير الخارجية السفير محي الدين سالم أحمد الأنظار بتأكيده على أهمية الجانب الإعلامي، مشيرًا إلى أن الفترة القادمة ستشهد انفتاحًا وتواصلًا مستمرًا مع أجهزة الإعلام، عبر منبر دائم يتيح المعلومة والشرح والتوضيح. كانت تلك إشارة موفقة من وزير الخارجية، طال انتظارها، خاصة في ظل الحاجة إلى سياسة إعلامية نشطة تواكب الحراك الدبلوماسي الذي بدأ يتشكل في الإقليم.
▪️اللقاء، الذي خُصص للتنوير بمضامين البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة، شكّل مناسبة مهمة لتسليط الضوء على مخرجات القمة السودانية – الجنوبية وما حملته من رؤى ومشروعات استراتيجية طموحة. ومع أن اللقاء لم يتسع لفتح باب النقاش أمام الإعلاميين، إلا أن مضامين البيان نفسها كانت كافية لتفتح الباب واسعًا أمام الصحافة الوطنية للمساهمة في شرح هذه المخرجات وتبسيطها للرأي العام، و بلورة خطاب إعلامي داعم لمسار التكامل بين البلدين.
▪️فمن الواضح أن البيان لم يكن بروتوكوليًا تقليديًا، بل وثيقة عمل سياسية واقتصادية وأمنية متكاملة، وضعت أمام البلدين أجندة تعاون تمتد من النفط والطاقة إلى التجارة والبنية التحتية والزراعة، مرورًا بتفعيل اللجان المشتركة وآليات التشاور السياسي وتنسيق المواقف الإقليمية. مثل هذه البنود، بطبيعتها، تحتاج إلى رؤية إعلامية موازية تشرح أبعادها، وتتابع مراحل تنفيذها، وتحوّلها من اتفاقات في الورق إلى مشروعات في الواقع.
▪️إن العلاقات بين الخرطوم وجوبا دخلت مرحلة جديدة، عنوانها “الشراكة لا المجاملة”، وهي مرحلة تتطلب إعلامًا فاعلًا واحترافيًا يسند الجهد الدبلوماسي، ويُسهم في بناء الثقة، وتشكيل وعي عام بمفهوم المصلحة المشتركة. فنجاح المشاريع الاقتصادية والسياسية الطموحة التي وردت في البيان مرهون بقدرة الإعلام على إدارة خطاب إيجابي، يربط بين القرار والمجتمع، ويخلق بيئة شعبية حاضنة لهذا التعاون.
▪️واليوم، ومع إعلان الوزير عن انفتاح إعلامي دائم، تبدو الفرصة مواتية لتحويل هذا التوجه إلى جسر من التكامل بين الدبلوماسية والإعلام، يقوم على التواصل المستمر، وتبادل المعلومات، وإشراك الصحافة في دعم السياسة الخارجية لا عبر المدح والتكرار، بل عبر التفسير والتنوير. فالإعلام الواعي ليس مجرد مكمّل للدبلوماسية، بل أحد أدواتها الحديثة في بناء الصورة الإيجابية وتعزيز الموقف الوطني في الداخل والخارج.
_خــلاصــة القــول ومنتهــاه_
▪️إن العلاقات بين الخرطوم وجوبا لم تعد تُقاس بعدد الزيارات أو البيانات، بل بمدى قدرتها على تحويل التفاهم السياسي إلى تعاون عملي، وتلك مهمة تحتاج إلى إعلام ذكي ومهني قادر على إدارة الخطاب المشترك والتعبير عن روح الشراكة الجديدة التي أعلنها الطرفان. فنجاح المشاريع الاقتصادية والسياسية التي وردت في البيان مرهون بالتنسيق الإعلامي الذي يواكب التنفيذ ويعزز الثقة المتبادلة.
▪️لقد حمل البيان المشترك روحًا جديدة في العلاقات الثنائية، لكن ترجمته على الأرض لن تكتمل إلا بـ“جسر إعلامي” يربط الشعوب كما يربط الدبلوماسيين، ويمنح المشروعات المعلنة صدًى ووعيًا ودعمًا. فحين يتكامل الخطاب الإعلامي مع الجهد الدبلوماسي، تتحول البيانات إلى برامج، والرؤى إلى إنجازات، ويصبح الإعلام شريكًا في صناعة المستقبل المشترك لا متفرجًا على تفاصيله.