عناكب الرمال

عناكب الرمال
……..
علاء الدين الدفينة
……..
قسماً بعينيك اللتين إليهما تأوي ملايين الكواكب سأقول يا سودان عن العرب العجائب، عناكب سحقت عناكب وعقارب لدغت عقارب وثعالب قتلت ثعالب.
سأقول في التحقيق أني أعرف الجلاد قاتل أُمتي ووجوه كل المجرمين.
……..
كانت القبائل العربية في عموم صحاري العرب وكهوفهم وعلى امتداد الوديان والقفار تعيش حياة الذئاب والوحوش من غارات متبادلة وتقتيل مستمر وحروب دؤوبة وفساد مستشري وإتجار بالبشر وإسترزاق من فروج بناتهم بالزنا وتجارة الجنس المقنن والتي بلغت حد إكراه النساء عليه حتى حرمها الله في قوله الكريم ( ولا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وظلت حياتهم جرائم عنف وسلب ونهب وسبي واستعباد واسترقاق وجهل وفقر وكل سوء متخلق ومتطور بلغ بهم أحط مراحل ودرجات السقوط في العقل والنفس والروح حتى اضحى العربي ودوابه سواسية سلوكياً الا في النطق والأشكال.
وانقسامات العرب الحالية هي امتداد لانقسامات تاريخية أساسها جهل متجذر في الجينات ومتهندس في تطورها الوراثي ومتشعب في الخضوع لأصحاب الألسن العجمية والعيون الخضراء … ذلك منذ عهود المناذرة والغساسنة وليس إصطفافاتهم الحالية في صفوف العبودية ما بين معسكرات الغرب والشرق إلا إستحضاراً واستجراراً لتواريخ نفس العبوديات والاستعبادات والاصطفافات الموغلة في التاريخ حينما كانوا عبيداً بالأصالة والإنابة للفرس والروم في عموم حدود النفوذ لإمبراطوريتي الفرس عبدة النيران والروم والبيزنطيين عبدة الاوثان وبلغوا شأواً في الإخلاص لعداوات بعضهم البعض إرضاءاً لاسيادهم أن قدموا عروضهم مهوراً وقتلوا بناتهم وأداً تقديساً لامجاد زائفة وأموالاً تتكدس لتُنهب وملك عضود تنهشه مؤامرات نساء خيامهم وتحطمه نزواتهن وما ابدعوا في شي إلا الفخر الاجوف والهجاء المقيت … وتطاحنوا طحين البُر وتسالقوا وتطابخوا سليق الحنيذ وطبخه وتنافروا حتى بلغ بهم الجفاء في قول قائلهم
( فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍفَلا كَعباً بَلَغتَ وَلا كِلابا… أَتَعدِلُ دِمنَةً خَبُثَت وَقَلَّت إِلى فَرعَينِ قَد كَثُرا وَطابا)… ثم تخطفهم طير الجهل هاوياً بهم في مكان سحيق بلغوا فيه من السوء ان بعث الله منهم فيهم نبياً حاربوه وعذبوه واخرجوه ثم قتلوا سبطه الكريم الإمام الحسين عليهما السلام وهو من قررنا الصلاة خلفه وجده مضرجين بالدماء لا الاكل من موائد قتلته وأعداء جده المعصوم محمداً.
وما بعث الله في أمة نبياً إلا إن بلغت هذا المبلغ السوداوي في الانحطاط.
…….
ليس غريباً ان تتداعى علينا بقاياهم فهي الغريزة الإستخدامية القديمة وليس جديداً ان يتكالبوا على أُمتنا وشعبنا وارضنا وبلادنا وان نتلقي منهم الضربات والغارات تنفيذا وتمريراً لمشيئة معبودهم الاستعمار فهو تاريخ يتجدد وليس غريباً ان يكونوا سيوفاً وانصالاً بيد غيرهم من الدول المؤستأجرة لهم لينالوا عبرهم ما لم ينالوه مباشرة فهي مشيئة الاستعباد القديم والاستعمار الحديث التي استنكرها شاعرهم عمرو بن كلثوم مدافعاً (بِاَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ
نَكُوْنُ لِقَيْلِكُمْ فِيْهَا قَطِيْنَا
بِأَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ
تُطِيْعُ بِنَا الوُشَاةَ وَتَزْدَرِيْنَا
تَهَدَّدُنَا وَتُوْعِدُنَا رُوَيْداً
مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِيْنَا) ونستنكرها نحن اليوم منافحين عن عروضنا ومكافحين عن بلادنا وحريتنا.
…….
إن الدور العربي الذي تؤديه الإمارات وليبيا (وآخرين) ضد شعبنا الان هو إسترجاع لتاريخهم وإستمراء لعداواتهم وإسترجاع لاطماعهم وركوناً لعبوديتهم التي لا يكونون الا بها.
وإن دفاعاتنا المستميتة من أجل كرامتنا وعزتنا وحريتنا هي الاخري استرجاع لتاريخنا الدفاعي المشهود منذ عهد ممالكنا الأولى التي حطمت غزو العرب في أسوار دنقلا بأيدي (رماة الحدق) حينما ردت سهامنا جيش عبدالله بن أبي السرح حتى أيقن ان هذه البلاد ليست كسابقاتها مما تم فتحها بالسيف وان من أراد دخولها فلن يدخلها غازياً بل مسالماً.
يقول البلاذري :
فلقي المسلمون بالنوبة قتالا شديدا… لقد لاقوهم فرشقوهم بالنبل حتى جُرح عامتهم، فانصرفوا بجراحات كثيرة وحدق مفقوءة، فسمو _أي النوبة_ رماة الحدق».
…….
يا رماة الحدق :
اعيدوا للتاريخ مجده وأجعلوا الكفرة ولاية سودانية مثلما جعل جدودكم كل الأراضي شمالكم ولاية سودانية إنتصاراً لفرس نما الي علمهم انه أُهين ففتحوا كل البلاد التي تقع شمالهم حتى وصلوا المياه الخضراء (البحر الأبيض المتوسط).
فعلوها رداً لكرامة جواد يصهل.
اعيدوا للتاريخ مجده فإن جدودكم صانوا الديار حماية حتى تخطوا الحدود.
…….
يا رماة الحدق :
لا تاريخ للإمارات نحاكمها به.
أما تاريخ ليبيا وشاد فهو أربعة حروبات دموية بينهم منذ مطلع السبعينيات وحتى خواتيم الثمانينيات كانت بداية نهايته في الخرطوم.
فلا يغرنهم اليوم حشد الحاشدين ولا تكالب الجوعى من شتات الغابرين والمقبورين.
…….
للماعز الظبياني والتيوس الليبية :
قهوة مهدي حامد في امدرمان ومقهى جورج مشرفي أمام مدخل سينما برمبل لصاحبها قديس عبد السيد وحلواني بين مكوار ومقهى لورد بايرون.
وبقاري معلم قهوة مهدي حامد وقهوة(الزيبق) وقهوة على أبوزيد في الخرطوم وبقية المقاهي والمطاعم والحلوانيات التي تأسست قبل وبعد العام ١٩٠٥ كلها تمتلك تاريخاً معرفياً واجتماعياً وثقافياً وعلمياً ودينياً وادبياً واقتصادياً ورياضياً قبل تعرفوا الفرق بين الاستقلال والاستغلال.
……
تاريخ مقاهينا اعرق من تواريخ وحواضر ومستقبل دولكم.