هل يستطيع ترامب إجبار بوتين على الالتزام بمهلته الجديدة؟

كتب : شريف ربيع
يتصاعد الصراع الروسي الأوكراني كل يوم منذ بدء الحرب في يوم 22 فبراير من عام 2022م؛ ففي يوم الثلاثاء الماضي شنت أوكرانيا عدة هجمات بالعشرات من الطائرات المسيرة على منطقة روستوف في جنوب روسيا؛ اندلع على إثرها حريق في محطة السكك الحديدية، علاوة على غلق مطار بسان بطرسبرج لمدة 5 ساعات، وأعلنت روسيا أنها أسقطت 74 مسيرة منهم.
على جانب آخر أبدى ترامب استياءه من بويتن وشعوره بخيبة أمل منه خلال زيارته إلى بريطانيا للقاء رئيس الوزراء يوم الاثنين الماضي، وقال: “إنه سيضع مهلة جديدة لمدة 12 يوما لوقف إطلاق النار”، وقد تغيرت لهجة خطابه عما سبق الذي كان يتسم بشئء من التصالح مع بوتين، في الوقت ذاته طالبت الدبلوماسية الأمريكية الصين بوقف تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، التي تقول واشنطن إنها تعزز القاعدة الصناعية العسكرية الروسية. وقد توعد ترامب منذ نحو أسبوعين بفرض جولة جديدة من العقوبات القاسية على روسيا إذا لم يبدأ بوتين فترة لوقف إطلاق النار تمهيدًا للمفاوضات. وقد تزامن ذلك أيضًا مع اتفاق مع الحلفاء الأوروبيين على شراء أسلحة بمليارات الدولارات لإرسالها إلى أوكرانيا، بما فيها منظومات دفاع جوي من طراز “باتريوت”.
من جهته قال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي: “إن شروط روسيا لحل الصراع مع أوكرانيا تتضمن شرطين رئيسيين لن تتم دونهما؛ وهما: عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف “الناتو” ووقف توسع الحلف على حدودها، والاعتراف بالأراضي التي سيطرت عليها روسيا.
وأضاف “لافروف” أثناء مشاركته في منتدى “وسط المعاني” يوم الاثنين الماضي: “نصر على مطالبنا المشروعة؛ أي ضمان أمننا؛ وهذا يعني عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو وعدم توسعه نهائيًّا؛ لقد امتد عمليًّا حتى حدودنا رغم كل الوعود والوثائق التي اعتُمدت”. مؤكدًا أن أمام روسيا الكثير من العمل وأن أهم مهامها هي هزيمة أعدائها. ولفت إلى أنه للمرة الأولى في تاريخها تخوض بلاده معركةً بمفردها ضد الغرب بأكمله؛ ففي الحربين العالمية الأولى والثانية كان لديها حلفاء، أما الآن فليس لديها حلفاء في ساحة المعركة؛ لذلك يجب أن تعتمد على نفسها.
وحذر دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي يوم الاثنين الماضي من أن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدفع نحو حرب مع بلاده وليست بين روسيا وأوكرانيا فقط. وأضاف أنه يجب على ترمب “ألا ينسى أن أي إنذار نهائي لروسيا يعد خطوة نحو الحرب” وينبغي عليه أن يدرك أن “روسيا ليست إسرائيل ولا حتى إيران”.
إمهال ترامب بوتين 12 يوما لإنهاء الحرب على أوكرانيا، إضافة إلى اشتراط روسيا لحل الصراع مع أوكرانيا عدم انضمامها إلى “الناتو” والاعتراف بالأراضي التي سيطرت عليها- يُظهر تطورًا لافتًا في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، ويكشف عن ديناميكيات جديدة بين الأطراف المتنازعة والداعمين الدوليين؛ حيث إن تصريح ترامب بخصوص مهلة الـ12 يومًا الجديدة هذا التصريح يعكس استعداده لفرض “اتفاق سريع” أو ربما رغبة في تسويق نفسه باعتباره رجل الصفقات الذي يستطيع إنهاء الحرب خلال أيام؛ لكن رد فعل موسكو على الأرجح سيكون متحفظًا أو لن تكترث له أو ربما يشعل صدامًا دبلوماسيا خلال الفترة المقبلة، لكن الحرب العسكرية مستبعدة بين روسيا وأمريكا.
أما بخصوص شرطي روسيا لحل الصراع: عدم انضمام أوكرانيا إلى “الناتو” فهذا مطلب قديم منذ عام 2014م، ويتعلق برؤية روسيا لأوكرانيا كمنطقة نفوذ أمني تقليدي لا تقبل انضمامها لمظلة “الناتو”. أما الاعتراف بالأراضي التي سيطرت عليها روسيا وهي (دونيتسك، لوهانسك، زاباروجيا، وخيرسون، والقرم)؛ فهذه المطالب تكرِّس الوقائع التي فرضتها موسكو على الأرض، وهي بمثابة خطوط حمراء من وجهة نظر الكرملين لا ينبغي المساس بها، لكن بالنسبة لأوكرانيا فالاعتراف بضم هذه الأراضي لروسيا يعد تنازلًا مستحيلًا على الأقل في الوقت الحالي؛ لأنه سيُعد بمثابة تقسيم رسمي للدولة وتكريس لنتائج الحرب، إضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لا يعترفون بذلك، ويربطون أي سلام محتمل بانسحاب روسيا على الأقل من المناطق المحتلة منذ 2022م.
رغم ذلك فقد يضغط ترامب على أوكرانيا للقبول بتسوية تقوم على حيادها وربما تنازلات إقليمية؛ ما قد يؤدي إلى تجميد الصراع لا حله. وفي المقابل استمرار الدعم الأوروبي عسكريًّا واقتصاديًّا لكييف يُرجّح استمرار الحرب الاستنزافية الحالية خصوصًا في ظل تعثر التقدم الأوكراني على أرض الواقع على عكس القوات الروسية.











