مقالات

هل أتاك نبأ الجوع في الدلنج وكادقلي؟؟

حديث السبت:

كتب/ يوسف عبدالمنان.

هل أتاك نبأ الجوع في الدلنج وكادقلي؟؟

 تدفن الدلنج كل يوم اثني عشر طفلاً وتبكي بلا دموع.

 هذا ماحدث في كادقلي ورواية الحكومة تبرير.

1️⃣

سنظل نكتب عن الواقع المذري، والجوع المهلك والموت الذي يحيط بجبال النوبه المحاصرة، ولن نكف عن نشر حقائق الواقع رضي من رضي، ويأبي من كانت شيمته الإنكار، والسكوت عن الأخطاء وتغطية عورات الحكومة لا يجدي في التقرب لها. وفي الأسبوع الماضي المنتهي بنهار الخميس تفاقمت الأوضاع المعيشية في الدلنج وبلغت حافة هاوية الموت، ولم تسقط المدينة بعد، ولكن من واقع الإتصالات الهاتفية من مجتمع الدلنج رجال ونساء وشباب وشيوخ من مختلف الأحزاب والتكوينات الاجتماعيه جاءتنا الأنباء المحزنة أن الموت أخذ يحصد يومياً أثنى عشر طفلاً من فلذات أكبادها دون أن تقطر عيونهم دمعاً من هول الموقف. وحينما يحل الجوع والمسغبة ببلد فإن أول الضحايا هم الأطفال وكبار السن. وظلت المدينة منذ عامين تقتات على التعاون ووشائج التواصل المجتمعي حيث يتكفل أبناء قبيلة حمر بمد الدلنج سراً بالوقود والحبوب الغذائية والأدوية وضروريات الحياة. يتسلل أبناء حمر من النهود – برغم ما أصابهم من ضراء بسبب اجتياح المليشيا ديارهم – إلى مناطق السعاته ليلا، وصولا إلى الفرشاية والدلنج، كانت تجارة رائجة ورابحة في ذات الوقت، وتنم عن تواصل إنساني بين النوبه وحمر، بينما ناظر الحوازمة الجنجويدي ومن تبعه من عناصر حزب الأمة يرفضون مرور عربات الإسعاف لإنقاذ أرواح المرضى. ولكن بسقوط النهود واستباحة الجنجويد لدار حمر واتفاق الحلو ودقلو على حصار الدلنج وكادقلي وتجويعهما حتى السقوط القهري، جعل مواطني الدلنج على لسان الأخ إبراهيم الخمجان يطالبون بحل إنساني وإنقاذ لشعب جبال النوبة المعرض الآن لكارثة انسانيه لامثيل لها، إذا فشلت جهود فتح طريق الدلنج الأبيض بسنان السلاح. وأمس الجمعة نفدت من أسواق الدلنج الشعيرية بعد أن بلغ سعر الكيس الواحد 20 الف جنيه وصعد سعر كيلو الأرز إلى 30 الف جنيه وملوة العيش إلى ٣٠ ألف جنيه

ويجوب سوق الدلنج الذي كان عامرا كل خميس يقصده سكان النتل والكاركو ووالي ام كرم ووالي البابويا والفسو والكرقل وهبيلا والكتنق وحجر جواد وكونس وحتى الدوشول والدبيبات والحاجز والفرشاية والدبكر وتنهال خيرات الأرض على سوق الدلنج ولكن صورة السوق يوم أمس الخميس كانت بائسة. البقاريات اللاتي كن يبعن الروب واللبن والسمن خدعهن المثقفون من أبناء البقارة وحرموا البؤساء البسطاء من كسب العيش الحلال. والان ام قرون البقاريه تاكل حراماً من المال المسروق، وتشرب حراماً من السكر المنهوب وتركب سيارة قتل صاحبها في ام درمان والرياض واخذها الاشاوس وعلماء وفقهاء الجنجويد الذين يحلون ماحرم الله. ومثل دكتور محمد شقه الأستاذ بجامعة الدلنج الذي يفتي باستباحة ماحرم الله واصبحت شمس الخميس والمئات من الناس يحملون أكياس تسمي (أبكر ارح) وأرح تعني نمشي وقد جاء في الدوبيت (أرح نتسلي في الزايلة البنهاها مهدم) يبحث الناس عن الفتريته الحمراء ولا يجدون في السوق الا قليل من الدقيق الذي لايصنع كسرة أو عصيدة ولكنه يصلح فقط للمديدة التي أصبحت غذاء أغلب الناس بينما آخرين يخرجون من الصباح إلى وادي كجار أو خور ابوحبل يجمعون نبات الملوخيه البرية (الخضراء) ويصنعون منها ملاح يشربه الجوعي من غير ملح طعام. احد المرضى تم تركيب قسطرة للبول منذ أربعة أشهر ولا وجود لقسطرة في المدينة واغلب الصيدليات أغلقت أبوابها.

2️⃣

إذا كانت الاوضاع في الدلنج قد بلغت حد أن يجعل المواطنون الملوخية من غير ملح طعام وجبة للبطون الخاوية. فإن كادقلي وصل فيها سعر رطل السكر خمسة وأربعين الف جنيه، وكم يبلغ سعر جوال السكر في كوستي وأم درمان ومروي وكسلا. عاشت كادقلي سنوات حرب طويلة منذ عام ١٩٨٥ وحتى العام ٢٠٠٥ ولكنها لم تجوع كما جاعت الآن، ربما السؤال لماذا؟ الإجابة هذه حرب غير أخلاقية وبلا واعز من ضمير وقودها عرب شتات ولصوص، واصحاب سوابق إجرامية بعضهم كان محكوما عليه بالإعدام في السجون، وبعضهم تجار مخدرات، وقائد التمرد في جبال النوبه من قبل كان يوسف كوه مكي استاذ بالمرحلة الثأنويه ودانيال كودي انجلو معلم بمرحلة الابتدائي وكان قادة الميدان خميس جلاب خريج الكلية الحربية ولكن اليوم يقود المليشيا ماكن الصادق تاجر مخدرات ولص يسرق الماعز من الدبكر، وموسى اغيبش أمه فدادية في سوق الحاجز، وهو حرامي وقطاع طرق، والعمدة بخاري الزبير الذي نشأ سلفياً وانتهى به المطاف لعنصري حقود، وهؤلاء من يحاصرون الابرياء والأطفال في كادقلي، حتى تهجم جموع الجوعي على سوق المدينة لا من أجل المال والذهب ولا من أجل الإلكترونيات والسيارات ولكن هجوم الجوعي على سوق مدينة كادقلي الأسبوع الماضي بسبب الجوع الذي تفشي وسط الناس، وفقدانهم الأمل والثقة في وصول شحنات الإغاثة، والحرب الحاليه بلا خطاب سياسي، لتبصير الناس وتحفيز طاقة العطاء، وحشد إرادة القتال لفك الحصار عن جبال النوبه، وحينما كان في دولتنا تنظيم يحرض الناس على الدفاع عن النفس، ويحشد الطاقات لهزيمة التمرد لم تجوع كادقلي ولم تشرب الدلنج المديدة، الا بعض سفهاء المدينة الذين يشربون العيش في حي ارفع( صدرك) وفي عام 1994 كانت منطقة طروجي الواقعة جنوب غرب كادقلي على بعد حوالي 60 كيلو متر تتواجد بها قوة من الجيش والدفاع الشعبي وهطلت الأمطار الغزيرة وسدت المياه الدروب بين طروجي وكادقلي، وكانت تعينات القوات المسلحة لا تكفيها الا أسابيع قليلة وكان خيار قائد المنطقة العسكرية سحب القوات من المنطقة بدلا من أن يجوع الجنود ولايجدون مايسد رمقهم حتى فصل الدرت ولكن قيادات كادقلي رفضت الاستسلام وقرر شباب المنطقة تشوين طروجي عن طريق حمل الذره والدقيق على الأكتاف والسير بالأقدام لمدة يومين وسط البرق والمطر والوحل وتبرص الحركة الشعبية وسار قافلة من أكثر منط المنطقة بتضحيات الرجال، فأين نحن اليوم من ذلك التاريخ المشرق

الرجال هم الرجال ولكن الحرب ليست شأنا خاصا بالعسكريين لوحدهم الحرب لها أدوات مثل الخطاب السياسي وتعبئة القواعد وحشد الارادة لهزيمة التمرد أن تقول حكومة جنوب كردفان على لسان الوالي الرجل الصامد الشجاع أن ماحدث في كادقلي من ورائه جهات سياسية مثل قوى الحرية والتغير التي حرضت الناس على اقتحام السودان ذلك تبرير فطير جدا والقول بأن خلايا نائمة من الدعم السريع والحركة الشعبية هم من يقفون وراء الحادث هذا قول يفتقر الصحافة ويجافي منطق حقائق الأشياء لا وجود لخلايا للدعم السريع في كادقلي واَلا عناصر للحركة الشعبية ماحدث هجمت جياع على السوق لا اكثر من ذلك وحينما يجوع الناس يفقدوا بصرهم وبصيرتهم.

3️⃣

بعد هذا السرد ماالحل؟ لإنقاذ المنطقة من الجوع قبل أن يموت الناس؟ التفاوض لن يفضي إلى نتيجة ومن يفاوض من وهل المليشيا التي تغلق الطرق لها قيادة موحدة مثل الحركة الشعبية ام هي مجموعات كسابه وأم باغه ولصوص وشفشافه نهبوا حتي بيت حميدتي بالخرطوم ومن ينهب بيت قائده يفعل أي شي؛ السؤال هل الجيش قادر على فك الحصار عن الدلنج الإجابة نعم، الجيش قادر على طرد الجنجويد خارج الحدود والجيوش التي في الأبيض بمقدورها تحرير زالنجي والجنينه والوصول لطروجي والريكة *ولكن لن يتحقق ذلك إلا بوجود الفريق شمس الدين كباشي أو الفريق ياسر العطا في مقر الفرقة الخامسة الأبيض وتحريك القوات ووضع الخطط لهزيمة حشود الجنجويد في الدبيبات وتوجيه كل الطيران في السودان لخدمة قضية توصيل ضرورات الحياة.*

وقد استشعر أبناء جبال النوبة المسؤليه وبدأت حركة كثيفة يقودها الجنرال التوم حامد توتو والسلطان حسن موسى والعميد إسماعيل أحمد وأعلن عمر شيخ الدين قيادة حملة تحرير جبال النوبة ويقود جبرالدار التوم مندي وعادل دلدوم الختيم اشقر حملة تعبئة واستنفار لدعم متحرك اسود العرين الذي ربما أحدث فارقا كبيرا في مسرح العمليات بجنوب كردفان وشمالها وغربها.

وبرغم الاسي والاحزان لا نزال نرنوا بأبصارنا في آفاق الفرج، ولم ينقطع العشم، حاشا وكلا.

يوسف عبدالمنان. 

السبت 26يوليو 2025م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى